جودي
الفصل الأول
بقلم : آية
حسنين
الصف : السابع
كان هناك في مدينةٍ صغيرةٍ صغيرةٍ و لكنها جميلةٌ جميلةٌ ، و مع أنها
مدينةٌ صغيرةٌ كان بها مباني كثيرةٌ و كبيرةٌ جدًا، وهي مدينةٌ هادئةٌ
جميلةٌ مليئةٌ بالأشجارِ و في الربيع تُغطى المدينة بألوانِ الزهورِ
البديعةِ، أهلُ المدينةِ أُناس طيبين
، يتميزونَ بجمالِ الخِلْقَةِ و الخُلُق ، في هذهِ المدينةِ بنتٌ اسْمُها
جودي، كانت من أجمل بنات المدينة و من أحسنهم خُلُقًا و خَلقًا و هي في
الثانية عشر من عمرها ، و هي تعيشُ مع والديها في بيتٍ واسع.
كان بيتُها في وسطِ المدينةِ، و يتكون من غرفتينِ كبيرتينِ ؛ واحدةٌ لها و الآخرى
لوالديها، و هناك مطبخٌ كبيرٌ و صالونٌ واسعٌ و غرفة معيشة كبيرةٌ و
فخمةٌ، أثاثُ البيتِ كبيرٌ و كثيرٌ و فخمٌ جدًا، و المنزل محاط بحديقةٍ
جميلةٍ مليئة بالزهورِ الجميلةِ ذاتِ الألوان البراقة و الزاهية.
جودي فتاةٌ نشيطةٌ تحبُ اللعبَ و العملَ، تساعدُ أمها في أعمالِ المنزلِ و الحديقة، و هي متوسطةُ القامةُ ذاتُ بشرةٍ بيضاءَ، و شعرها بني اللون قصير منهدل على كتفيها، و لها عينانِ زرقتانِ صغيرتان جميلتان، نحيلةُ الجسدِ ، دقيقةُ الملامح ، جميلةُ الطلة ، أنيقة
الملبس ، مرحة طليقة اللسان ، كلَ يوم تخرج لتلعب في الحديقة مع كلبها
الصغير "دودو"، و لها في غرفتها عرائسُ كثيرةُ الألوان و الأشكال ، تحب اللعب بها كثيرًا. منهم عروسة لعبة على شكل دب و كان هذا الدب كبير، و له فرو أبيض غزير، و اسمه
"دوبي" ، كانت تحب اللعب به كثيرًا و لا تنام إلا و دوبي بجوارها في السرير.
كانت تزور العائلة فتاة تساعدهم في أعمال المنزل الشاقة؛ اسمها فرح، أكبر من جودي قليلاً، و كانت فرح تساعدها هي وأمها في تنظيف
المنزل و في تنسيق الحديقة، كلما انتهت من أعمال البيت تذهب لتلعب مع جودي ؛
فهي تحبها و أمها كثيرًا و ذلك لأنهم كانوا يعاملون فرح بود و بحنان شديد.
جودي تحب والدها و والدتها كثيرًا، تمكث طوال المساء تتحدث معهما ، شديدة الأرتباط بوالدها ، تحكي له عما تدرس في المدرسة، و عن أصدقائها في المدرسة ، عن كل
ما يحدث معها طوال اليوم و هو في عمله، و تحكي له كذلك عن لعبها مع "دودو"
و "دوبي" و حبها لهما ، كذلك تسأله عن كل شيء تريد معرفته لأن والدها غزير المعلومات فهو كثير الأطلاع ، واسع المعرفة.
ذات يوم ، طلبت جودي من والدها أن يأتي مبكرا عما أعتاد كل يوم، و لكن عندما عادت من مدرستها إلى البيت ، لم تجد والدها، فأصابها الحزن و القلق، فقد وعدها أن يجيء اليوم مبكرًا ، فهذا اليوم عيد ميلادها و سوف يحتفلون سويَّا.
- أمى أمي أين أبي ؟ أين أبي يا أمي؟
- لا أدري يا أبنتي.
- لقد وعدني أن يجيء اليوم مبكرًا، و لكنه لم يأتي حتى الأن؟! لما يا أمي ؟!!
- لقد حدثني بالهاتف و قال لي أنه سوف يأتي مبكرًا، ولا أدري ما الذي آخره حتى الأن ربما أنشغل بأمر هام في العمل.
- هل من الممكن أن أحدثه على الهاتف يا أمي ، لكي أعرف لماذا تأخر حتى الأن.
- أنتظري قليلًا ربما يكون في طريقه إلى البيت.
- حاضر يا أمي.
- أمى أمي أين أبي ؟ أين أبي يا أمي؟
- لا أدري يا أبنتي.
- لقد وعدني أن يجيء اليوم مبكرًا، و لكنه لم يأتي حتى الأن؟! لما يا أمي ؟!!
- لقد حدثني بالهاتف و قال لي أنه سوف يأتي مبكرًا، ولا أدري ما الذي آخره حتى الأن ربما أنشغل بأمر هام في العمل.
- هل من الممكن أن أحدثه على الهاتف يا أمي ، لكي أعرف لماذا تأخر حتى الأن.
- أنتظري قليلًا ربما يكون في طريقه إلى البيت.
- حاضر يا أمي.
و بعد قليل دق جرس الهاتف، جرت جودي و رفعت سماعة الهاتف و هي تتمنى أن يكون من على الهاتف والدها و لكنها لم تجده هو !!
إنه صديق والدها في العمل يخبرهم أن والدها قد تعرض لحادث كبير، و لقد نقل إلى المستشفى، و حدثهم عن الحادث و مكان المستشفى.
عندئذٍ أسرعت جودي وأمها إلى المستشفى. عندما رأتاه لإول مرة فُزِعَتا و بدأتا بالبكاءِ لحالتهِ الخطرة، فقد كان أطباء كثيرون يذهبون هنا و هناك، و الكثير من الأجهزة من حوله، أصواتها تُنذِرُ بالخطرِ و تُخِيفُ كل من يحيط بها.
في لحظه من اللحظات، بدأ جهاز من الأجهزة الكثيرة بالرنين، حينئذٍ طُلِبَ من جودي وأمها الخروج من الغرفة لسوء حالة والدها.
بعد
عدة دقائق، أخبرهما الطبيب بوفاة الوالد. فانفجرتا بالبكاء ولكن سرعان ما
تمالكت الأم نفسها و هدأت بعض الشئ، و حاولت أن تهدأ من روع ابنتها.
و تمت مراسم الدفن، و كان مع جودي و أمها الكثير من الأصدقاء و الجيران لمواساتهما.
في الأسبوع التالي، جاءت فرح لتساعد جودي و أمها في أعمال المنزل الشاقة، وجدت فرح جودي حزينة جداً،
- سألتها فرح : ما بك اليوم ؟! لماذا أنت حزينة هكذا ؟!
- ردت جودي بتمتمة و الدموع تتساقط من عينيها على خديها، إنه.....والدي.
- ماذا بهِ والدك أفصحي؟
- إنه تعرض لحادث بالسيارة الأسبوع الماضي.
- و ماذا حدث له؟
- لقد توفي في هذا الحادث، و بدأت جودي تجهش بالبكاء.
- لا تحزني ، و اصبري إن هذا أبتلاء من الله و أختبار فاصبري و افعلي كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" إنا لله و إنا إليه راجعون " وسوف يعوضك الله عن ذلك لأنك صبرتي و اتبعتي الرسول.
- سألتها فرح : ما بك اليوم ؟! لماذا أنت حزينة هكذا ؟!
- ردت جودي بتمتمة و الدموع تتساقط من عينيها على خديها، إنه.....والدي.
- ماذا بهِ والدك أفصحي؟
- إنه تعرض لحادث بالسيارة الأسبوع الماضي.
- و ماذا حدث له؟
- لقد توفي في هذا الحادث، و بدأت جودي تجهش بالبكاء.
- لا تحزني ، و اصبري إن هذا أبتلاء من الله و أختبار فاصبري و افعلي كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" إنا لله و إنا إليه راجعون " وسوف يعوضك الله عن ذلك لأنك صبرتي و اتبعتي الرسول.
و في أثناء ذلك ، سمعت فرح صوت الأم و هي تنادي عليها، فتوقفت عن الكلام و تركت فرح جودي و توجهت إلي الوالدة لتساعدها في أعمال المنزل . و عندما ذهبت فرح، قامت جودي و توضأت و ظلت تصلي و تدعوا الله أن يخفف عنها أحزانها و أن يمن عليها بالصبر. و عندما انتهت من صلاتها و دعاءها، بدأت تُفكر كيف ستعيش من دون والدها، إنه كان أقرب صديق لي، فمن أحكي له
ما بي ؟! و من سوف يحل لي مشاكلي ؟!! ومن سوف يساعدني في دراستي ؟!!! و من
سوف يذهب بي إلي المدرسة؟ لقد أصبحت وحيدة ..وحيدة من الأن، و ماذا سوف تفعل أمي المسكينة لوحدها في هذه الحياة ؟!! و كيف ستعتني بي من دون والدي؟!!
بعد فترة ليست بالقصيرة ، طرقت والدتها الباب و طلبت الدخول، ردت جودي: تفضلي يا أمي .
دخلت والدتها إلى الغرفة و رأتها وهى تبكي و مشغولة البال و زائغة العين.
- قالت الأم: ماذا بك يا بنيتي ؟
- قالت: أفكر كيف سنعيش بدون والدي – لقد أشتقت إليه كثيراً – إنه أقرب صديق لي، فمن سأحكي له همومي و أحزاني ؟!
- وأنا أشتقت له أيضاً ، و لكن هونِي عليكِ ، أنا ما حدث قدر من عند الله ، هو الذي قدر هذا على كل البشر ، قدر عليهم الحياة و الموت و كتب لكل منا أجل لا يتغير فلا يجوز أن تغضبي لما حدث و لا تسخطِي من قدر الله ، أن ما حدث قدر كل منا ، أما من سوف تحكي له همومك فهناك أناس كثيرون من الممكن أن تعتمدي عليهم و تحكي لهم همومك و أحزانك و منهم أنا، ما رأيك فيّ أليس أنا بالصديقة الجيدة ؟!
- نعم يا أمي، أنتِ أقرب صديقة لي و أنا سوف أعتمد عليكِ و أحكي لك عن كل ما بي.
- أحبك كثيراً .
- و أنا أيضاً. هيا لنخلد إلي النوم الأن.
- تُصبحين على خير .
- و أنت أيضاً إن شاء الله.
- قالت: أفكر كيف سنعيش بدون والدي – لقد أشتقت إليه كثيراً – إنه أقرب صديق لي، فمن سأحكي له همومي و أحزاني ؟!
- وأنا أشتقت له أيضاً ، و لكن هونِي عليكِ ، أنا ما حدث قدر من عند الله ، هو الذي قدر هذا على كل البشر ، قدر عليهم الحياة و الموت و كتب لكل منا أجل لا يتغير فلا يجوز أن تغضبي لما حدث و لا تسخطِي من قدر الله ، أن ما حدث قدر كل منا ، أما من سوف تحكي له همومك فهناك أناس كثيرون من الممكن أن تعتمدي عليهم و تحكي لهم همومك و أحزانك و منهم أنا، ما رأيك فيّ أليس أنا بالصديقة الجيدة ؟!
- نعم يا أمي، أنتِ أقرب صديقة لي و أنا سوف أعتمد عليكِ و أحكي لك عن كل ما بي.
- أحبك كثيراً .
- و أنا أيضاً. هيا لنخلد إلي النوم الأن.
- تُصبحين على خير .
- و أنت أيضاً إن شاء الله.
وفي صباح اليوم التالي ، استيقظت جودي باكرًا و ذهبت إلى الحديقة، وتنشقت الهواء الصافي و نَظَرتْ إلى العصافيرِ تَطيرُ في السماءِ الزرقاءِ الصافيةِ النقيةِ. و في هذه اللحظة سمعت جودي صوت يناديها : جودي .. جودي ..
نظرت حولها لترى من يناديها ، فرأت صديقتها المفضلة ، لانا ، تسير في الشارع أمام باب الحديقة ، فسألتها: إلي أين أنت ذاهبة يا لانا؟
ردت لانا : أنا ذاهبة إلي السوق ، هل تريدين أن تذهبي معي؟
- سوف أسأل أمي ، فأذا وافقت سوف أذهب معك .
- موافقة، سأنتظرك هنا، و لكن لا تتأخري عليّ.
نظرت حولها لترى من يناديها ، فرأت صديقتها المفضلة ، لانا ، تسير في الشارع أمام باب الحديقة ، فسألتها: إلي أين أنت ذاهبة يا لانا؟
ردت لانا : أنا ذاهبة إلي السوق ، هل تريدين أن تذهبي معي؟
- سوف أسأل أمي ، فأذا وافقت سوف أذهب معك .
- موافقة، سأنتظرك هنا، و لكن لا تتأخري عليّ.
دخلت جودي إلى منزلها و بدأت تنادي ماما .. ماما... حتى جاءت والدتها ، و قالت ماذا بك؟
- لقد رأيت صديقتي لانا و هى ذاهبةٌ إلى السوق و أريد أن أذهب معها ، فهل تسمحين لي بذلك ؟
- نعم ، من الممكن أن تذهبي مع لانا و لكن لا تتأخري .
- و هل من الممكن أن أشتري بعض الأغراض لي ؟
- من الممكن و لكن خذي معك هذه النقود و اشتري لنا بعض الأغراض التى احتاجها للمنزل.
- لقد رأيت صديقتي لانا و هى ذاهبةٌ إلى السوق و أريد أن أذهب معها ، فهل تسمحين لي بذلك ؟
- نعم ، من الممكن أن تذهبي مع لانا و لكن لا تتأخري .
- و هل من الممكن أن أشتري بعض الأغراض لي ؟
- من الممكن و لكن خذي معك هذه النقود و اشتري لنا بعض الأغراض التى احتاجها للمنزل.
أخذت
أسماء الأغراض المطلوبة و التي سوف تحضرها من السوق ، و ارتدت ملابسها و
ألقت التحية على أمها و خرجت إلى لانا و اعتذرت لها عن التأخير، ثم ذهبتا
إلى السوق.
عادت جودي من السوق باكرًا و احضرت معها كل الأغراض التي طلبتها منها أمها.
و عند باب الحديقة ، دعت لانا للدخول إلى منزلها ، و لكن لانا أعتذرت لها عن ذلك و قالت لها أنها لم تستأذن أمها في ذلك . ثم ودعت صديقتها و دقت جرس الباب ، و انتظرت حتى فتحت لها أمها الباب ، فسلمت عليها و قالت لها لقد احضرت لك كل الأغراض التى تريدينها . شكرتها الأم و سألتها عما حدث معها في السوق. حكت لها عن كل ما حدث معها . أخذت الأم الأغراض و وضعتها في أماكنها، و تناولتا عشاءهما و تسامرتا إلى أن أتى موعد النوم.